الصفحة الرئيسية

المنظمة واسلوب العمل الشيوعي

(القسم الاول)

اللجان الشيوعية

(طرح البحث)

ترجمة: فارس محمود

توضيح: ان النص الذي بين ايديكم هو خلاصة واعداد لبحث قد طرح في جلستين لندوتين حزبيتين في كانون الثاني 2006. ويمثل جانب لطرح بحث، وعليه ينبغي التعامل معه وفق هذا العنوان.

تمت الترجمة عن "حكمت"، المجلة النظرية-السياسية للحزب الشيوعي العمالي الايراني-الحكمتي العدد 3 ابريل 2006. صدرت هذه السلسة لاول مرة في جريدة الحزب الشيوعي العمالي الحكمتي "سازمنده كومنيست" (المنظم الشيوعي) في الاعداد 8-10 والصادرة في شباط واذار 2006.

استهلال

رفاق!

كان من المقرر ان اطرح البحثين الذين اقدمهما في هذه الندوة، اي بحث اللجان الحزبية وبحث المنظمات غير الحزبية، بصورة اكثر تفصيلية في جمعية ماركس-حكمت تحت عناوين "الحزب الشيوعي والمنظمات غير الحزبية والمنظمات الجماهيرية" و"مباديء اسلوب العمل الشيوعي- التنظيم، القيادة ومسالة حزب سياسي-جماهيري". ونظراً لكون هذه الابحاث في الوقت الراهن ذا صلة بالمسائل المطروحة في لجنة تنظيم القطر حول فعالية الحزب في ايران، فرض علي ان اطرحها في هذه الندوة بشكلها الراهن بصورة اكثر تكثيفاً ومحدودية.

ان البحث الاول ، اي اللجان الشيوعية، هو امتداد لبحث سياستنا التنظيمية. في هذا البحث، طرحنا ضرورة استناد التنظيم الحزبي الى "لجان شيوعية". اما البحث الثاني فيتعلق بالمنظمات غير الحزبية وماتسمى بـ"المنظمات الجماهيرية". في هذا البحث، ساتناول تعامل اليسار الراديكالي مع هذه المنظمات وسبب عجزه عن تشكيل اي منظمة اجتماعية واسس الاسلوب الشيوعي في التعامل مع هذا النوع من المنظمات.

ان كلا البحثين ليسا ابحاث "تنظيماتية"، تنظيمية، فنية ولاتتعلق باصلاح الاساليب القائمة. انهما بحثاً يخص اسلوب العمل ويرتبطان باساس سياستنا وفلسفتنا السياسية. انهما بحث لايتعلق باصلاح اسلوب العمل الراهن، بل بتغييره. بحث يتعلق بانفصالنا عن اسلوب عمل لايلبي متطلبات حركتنا. ان اسلوب العمل والنمط التنظيمي الشائع بين الشيوعيين، والشائعان بيننا كذلك، هما ميراث حركات اخرى، يجب نقدهما واركانهما جانباً

برايي، ان هذه الابحاث هي امتداد للابحاث التي قمنا بها خلال 20 عام المنصرمة في الحزب الشيوعي الايراني والحزب الشيوعي العمالي والتي طرحها منصور حكمت اساساً حول اسلوب العمل الشيوعي. ان بحث نظريتنا الحزبية مابعد تاسيس الحزب الشيوعي العمالي قد خطت للامام من عدة جوانب وتغيرت، ولكن من ناحية النظرية التنظيمية على وجه الخصوص لم نعد لتناولها اساساً. وكان يتوجب تمحيص ونقد مشكلات وابعاد اخرى من النشاط الشيوعي والتي ساسعى الى تناولها ايضاً. وارحب بالطبع بتدخل الرفاق الاخرين وبالاخص "العاملين في هذا الميدان" و"اصحاب الخبرة" في هذا البحث.

*****

القسم الاول

مسالة التنظيم-في خضم سياق جديد

ان تغير الاوضاع السياسية في ايران، هزيمة الثاني من خرداد*، تجابه التقاليد السياسية المختلفة الموجودة في الحركة الساعية للاطاحة بالنظام من اجل تامين قيادة الحركة الاحتجاجية للجماهير، وضعت الاحزاب الجدية امام مسالة بناء تنظيمات حزبية بالمعنى الخاص للكلمة. ان جميع الاحزاب تمر بمرحلة انتقالية من اسلوب عمل على صعيد حركة الى اسلوب نشاط اكثر تنظيمية. جر هذا " الانهماك" اقدامنا بصورة لاندحة عنها الى نظرية التنظيم الحزبي وضعتنا امام مسائل جديدة تسلتزم الرد عليها.

فيما يخص تنظيم الحزب في الداخل، بحثنا سابقاً في الحزب الشيوعي الايراني** وفي الحزب الشيوعي العمالي الايراني*** قضايا شبكة الحلقات الشيوعية، شبكة حلقات العمال الشيوعيين، القادة العلنيين، المحرضين الجماهيريين ومكانتهم في التنظيم ونظرية تنظيم حزب شيوعي-عمالي. (1)

ينبغي العودة اليوم مرة اخرى الى هذه الابحاث ونتناول مسالة التنظيم بصورة اخص. وان لم نعطي في هذه المرحلة رداً مناسباً ووافياً للحاجات التنظيمية لحركتنا وحزبنا، سنبقى عديم الفعالية امام النشاط المنظم للاحزاب الاخرى، وفي سياق تقليدهم واسلوبهم.

*****

التمركز في اي شيء؟ الحزب والمجتمع من رؤية اخرى

التنظيم يعني تمركز. ان بحثي لايتعلق حقيقة بدرجة التمركز و مستواه او محل الانفصال التنظيمي. ان بحثي يتعلق بالتمركز نفسه. التنظيم يعني اناس يتجمعون في مكان ما وبهيئة صلة خاصة يمركزوا فعاليتهم. السؤال المطروح هو اي نوع من الفعالية في تنظيم شيوعي نمركزها بالاساس؟ في اي شيء ننشد التمركز ؟ وعلى وجه الدقة، اي شيء نبغي مركزته؟

يمكن الرد على هذا السؤال بجوانبه المختلفة. اذا نشرع بالمسالة من التنظيم بالشكل الذي يفهمه اليسار الراديكالي نبلغ، مع اول خطوة، نوع من التمركز الذي يمثل اكثر اشكاله نموذجية خلية الاعضاء. من المقرر ان نمركز فعالية ونشاط الاعضاء. لو اننا حزب برلماني، والذي يعد انتخابنا الى البرلمان محور فعاليتنا، سنصل الى نوع اخر من التمركز. واذا انطلقنا من تمركز فونكسيون (هيئة-م) خاص للطباعة، او عسكري او... سنصل الى نوع اخر من التمركز.

ان جميع هذه الاوجه ذات صلة بالتمركز. بيد ان كل واحدة منها تشكل نوع خاص من التمركز وبفلسفة خاصة من ذلك التمركز. وعليه، ينبغي ان نرد على السؤال التالي: ان تنظيم حزبنا يتكيء على اساس التمركز في اي شيء؟ وان نوع التنظيم الذي ننشد بناءه هنا يستمد بصورة مباشرة من تصورنا للحزب وكيفية نشاطه. بهذا المعنى، قلت ان البحث ليس تقنياً، بل ذا صلة بالحركة (اي حركة الشيوعية العمالية-م) وهو امر اكثر جوهرياً.

*****

ان اخر بحث تنظيمي، بمعناه الخاص، هو بحث الخلايا الحزبية الذي يعود لاعوام 84-1985 في الحزب الشيوعي الايراني. لقد ناقشنا آنئذ ان الخلية هي النواة والاساس التنظيمي للحزب. اذ تعلمون ان الخلية تتألف من جمع من اعضاء الحزب في محيط او جغرافيا معينة.

يجب ان تنتبهوا بالطبع الى ان بحثنا في ذلك الوقت حول الخلايا ذا اختلافات ملحوظة مع التصور الجاري لليسار الراديكالي وغير الاجتماعي. ففي تقليد اليسار، كانت الخلايا (تنظيم الاعضاء) مربوطة اساسا بالاعمال والفعاليات الداخلية للحزب. كان عمل الخلايا هو النقاشات، توزيع البيانات، النمو الميكروسكوبي (التدريجي البطيء-م) والتدريجي للتنظيم. الخلية مركز سري، "غيبي"، فكري وفئوي للتوعية والقيادة.

ان بحث الخلايا في الحزب الشيوعي الايراني كان خطوة مهمة للامام مقارنة بتقليد اليسار غير الاجتماعي لتلك المرحلة. في بحث الخلايا، ادخلنا عنصر المجتمع في الفعالية الشيوعية. كان من المقرر للخلية ان تقوم بفعالية خاصة في المجتمع. وعلى النقيض من تصور اليسار في ذلك الوقت، كانت مناقشاتنا حول الخلايا في تلك المرحلة تؤكد على عنصر المجتمع وصلة الفعالية الشيوعية بالمجتمع والطبقة. كان الدور البارز لخسروداور**** في بحث الخلايا في الحزب الشيوعي الايراني ايضاً التاكيد على هذه الصلة الاجتماعية والسعي لتنظيمها.(2)

ولكن حين تؤكد على الدور الاجتماعي للحزب، ستطرح عاجلاً ام اجلاً، موضوعة القيادة في المجتمع وليس في تنظيمنا. جرى الامر على نفس الغرار لنا. ينبغي ان أُذَكّرْ بابحاث منصور حكمت حول اليات القيادة الاجتماعية التي جاءت على هيئة ابحاث اسلوب العمل والمحرض الشيوعي. ان هذه الابحاث كانت انعكاس نظراتنا الى الاليات الاجتماعية في النضال الطبقي والسياسي. وعليه، توجب علينا ان نوضح صلة القيادة الاجتماعية بالخلايا الحزبية والتنظيم الحزبي.

ان بوسع الخلية، في منظومة اليسار الراديكالي وغير الاجتماعي، ان تقوم بنشاطها وتحيا دون ان يكون لها صلة بالمجتمع. ان النشاط الشيوعي الذي ننشده ليس له معنى دون الارتباط بالمجتمع. اذ يعتبر اليسار الفئوي القيادة مفهوم ايديولوجي وفئوي. وعليه، فان عنصر المجتمع وقيادة المجتمع والاليات الاجتماعية لهذه القيادة محذوفة من منظومته. ولهذا يعتبر نفسه، طبقاً للتعريف، قائداً المجتمع انطلاقاً من التحليل والاحقية الايديولوجية، والذي هو يطلقها على نفسه. وعليه، على سبيل المثال، ان اليسار الراديكالي وغير الاجتماعي لايملك الامكانية لاحلال القادة الاجتماعيين في منظمته وتحويلها الى اطار طبيعي لفعالية القادة الاجتماعيين. بالنسبة لنا، وكما أشرت، ان مفهوم القيادة قد دفع الامر الى بحث الاليات الاجتماعية للقيادة وبحث القادة العمليين للعمال وبحث المحرض البروليتاري.

لقد ذكرنا في بحث المحرض البروليتاري ان الطبقة العاملة والمجتمع هما ليسا بجموع هلامية الشكل وعديمة الهيئة والتنظيم. ان الاحتجاج والنضال جزء من الحياة اليومية للانسان في المجتمع وجزء مسلم به من حياة الطبقة العاملة. قلنا ان الطبقة العاملة، وفي الحقيقة كل اقسام المجتمع، ومن اجل تنظيم سعيها نحو حياة افضل حتى في اكثر الاوضاع قمعية كذلك، ذات قادة عمليين وشبكة روابطها الاجتماعية والطبيعية. وذكرنا ان شبكة العمال الاشتراكيين والقعادة العمليين للعمال هم جزء معطى من الطبقة العاملة. ليس بوسع حزب شيوعي اجتماعي ان يقود بمعزل عن هذه الشبكات وبمعزل عن هؤلاء القادة. واكدنا على وجوب ان يكون حزبنا حزب الشيوعيين داخل هذه الشبكات النضالية وقادة العمال العمليين والاجتماعيين قبل اي شيء اخر.

انها لخصيصة اليسار الراديكالي عدم صلته بالمجتمع وهذه الشبكات النضالية وعجزه عن جذب القادة الاجتماعيين بنفس الامكانية والوضعية والحال الاجتماعي الذي هم عليه. ان المنظمة واسلوب عمل" اليسار غير الاجتماعي والفئوي يناسب نشاط المثقفين غير الاجتماعيين والطلبة والمتعلمين المنفردين والخياليين، وان قائد اجتماعي وقائد عمالي ، بل حتى قائد واقعي لاحتجاجات الطلبة والمثقفين، لايستطيع القيام بنشاطه في مثل هكذا منظمة.

لقد كان بحثنا آنئذ هو تغيير السمة الاجتماعية للحزب وتحويله الى اطار طبيعي لنضال العمال والقادة العمليين وبالاخص طيف العمال الراديكاليين والاشتراكيين.

قلنا لقد دفعت بنا ابحاثنا تلك الى بحث ضرورة توضيح صلة هؤلاء القادة وهذه القيادة بالخلايا، اي كيفية ادارة القادة، كيفية قيام الخلايا بالقيادة والتغذية الفكرية للقادة العمليين والمحرضين. بهذا الخصوص، لم تجد ابحاثنا المتعلقة بصلة الخلايا بهؤلاء القادة والتي اوضحها لاحقاً طريقها للتحقيق بسبب من عدم حل التناقض الاساسي بين ذلك الشكل التنظيمي مع هذه الفعالية الاجتماعية.

على اية حال، بعد هذه الابحاث التي جرت في 84-86 في الحزب الشيوعي الايراني، لم نعد مرة اخرى للبحث في مسالة تنظيم الحزب في الداخل. ان مسار الاحداث والجد في البحث عن الاولويات اخرجت مسائل اخرى عملياً هذا البحث من جدول اعمالنا. في هذه الفترة، انشغلنا بتعديل واصلاح في نظرية الخلية- النواة اساس الحزب وسعينا الى ازالة تناقضاتها، واغلب شيء عبر الالتفاف على هذا المفهوم التنظيمي، وصببنا جهدنا على النشاط الاجتماعي.

لقد سعينا في خارج البلد الى اجراء تغييرات اكثر جدية بالطبع. من جملة ذلك بحث البيوت الحزبية واللجان الحزبية، ومنذ بدء تاسيس الحزب الشيوعي العمالي أُركِنَتْ الخلية عملياً جانباً لمراحل بشكل واعي. بيد انه لم يتم التعامل مع هذه العملية بشكل عميق وشامل قط. وعليه، حتى في الخارج لم تضع فعاليتنا الحزبية اقدامها على اسس صحيحة.، انحلت هذه الفعالية ونظمنا انفسنا على غرار اقرب للفعالية على شكل حركي-اكسيوني (حركي هنا من حركة وليس بمعنى التحرك واكسيوني هنا تعني اعمال على شكل تحركات-م) وهو الامر الذي لازال مستمرا ولازلنا ندفع ضريبته.

كلما تم طرح البحث المتعلق بتنظيم الحزب طُرِحَتْ للبحث مسالة اساس فلسفة التحزب بالنسبة لنا. ان اخر بحث صاغه منصور حكمت هو ضرورة ارساء حزب عريض تكون العضوية فيه امراً سهلاً. بوسع اي شخص مستعد للقيام بنشاط منظم للحزب، وباي درجة يستطيع، ويعد نفسه شريك الاهداف العامة للحزب ويدفع بدل العضوية ان يغدوا عضواً في الحزب(3). وهناك بالطبع حددنا مرة اخرى ان الخلية هي اللبنة الاساسية للحزب.

ان هذا النوع من العضوية يختلف كلياً عن التعريف المتداول للعضوية في منظمات اليسار الراديكالي. ان التصور الذي يراودنا هو ان كل امرء في المجتمع يعاني من انعدام العدالة ويسعى للنضال ضدها، وان اي امرء ينشد ان يلعب دوراً فعالاً في التنظيم الانساني للمجتمع بوسعه الانخراط في صفوف الحزب (4). على الحزب ان ينظمه في مثل هذا النشاط تحت راية شيوعية. ينبغي ان يكون بوسع مثل هذا الشخص مبدئياً وفي اوضاع غير قمعية، ان يراجع بيت الحزب في اي مكان، ان يغدوا عضو حزب وان يضع الحزب يده بيد اناس اخرين يقومون بنضالهم. ان هذا هو اخر تصور لمنصور حكمت عن الحزب، وعلى هذا الاساس سهلنا العضوية في الحزب، بل وحتى حذفنا شرط تزكية شخصين اخرين كذلك. ان الحزب، طبقاً لهذا التصور، هو منظمة جماهيرية او بوسعه ان يكون كذلك. ان هذا الحزب هو حزب سياسي جماهيري.

بهذا الصدد، طرحنا بحث الكوادر بوصفهم العمود الفقري وهيكل الحزب على صعيد الحركة والمنظمة. اكدنا ان في مثل تنظيم جماهيري كهذا، فان مصير الحزب ومستقبله يحددهما الكوادر وصلة القيادة بالكوادر. كقاعدة، يقتدي اعضاء الحزب بالكوادر. ولايتمتع هؤلاء الكوادر باي امتيازات في التصويت والانتخاب مقارنة بالاعضاء. ولكن في العالم الواقعي، فان مصير الحزب يحدده الصلة المعنوية للكوادر مع الاعضاء والصلة السياسية المعنوية للقيادة مع الكوادر. ان اعتبار ونفوذ الكوادر معنوي. وان هذا نابع من الدور الذي يضطلع به الكادر في حياة الحزب وتحمل المسؤولية التي يضعها على عاتقه.

وعليه، طبقاً لهذا التصور، اننا امام شبكتين او نوعين من الصلة: شبكة الاعضاء وشبكة الكوادر. تنظيم الاعضاء وتنظيم الكوادر، صلة الاعضاء بقيادة الحزب وصلة الكوادر بقيادة الحزب و....

ان هذه الابحاث هي نظرية تحزب مختلفة عن اليسار الراديكالي. ان اختلاف مثل هذا الحزب مع احزاب اليسار الراديكالي ليس اختلاف يتعلق بحالات ما. انها اجمالاً نظرية تحزب اخرى تختلف عن التصور السائد لليسار حول الحزب على انه حزب الطليعة، حزب النخبة ... وغير ذلك (5).

الخلية والمجتمع

ليس بوسع هذه النظرية الحزبية الانسجام مع بحث الخلية ذاك. لو كان من المقرر ان تكون الخلية اللبنة الاساسية للحزب، والتي تحفظ، من جملة ذلك، صلة الحزب بالقادة العمليين والنضالات الاجتماعية، عندها سيكون مثل هذا التطلع امراً في غير مكانه من تنظيم جماهيري يكون اعضاءه الناس العاديين للمجتمع ومن المقرر ان ينهمكوا بالفعالية المنظمة للحزب باي حد يستطيعون.

ان وضع مثل هكذا مهمة على عاتق اللبنات الاساسية لحزب جماهيري اما يضيّق اطار الحزب ويقصره مرة اخرى على "طليعيين" ويبعده عن متناول الجماهير العمالية والكادحة والتحرريين "العاديين" للمجتمع او في حمية عجز الفروع الحزبية عن لعب دور قيادي، تسلب الحزب حقاً امكانية لعب دور اجتماعي. يذوب الحزب في منظمات جماهيرية اخرى ويحولنا الى ملحق وذيل للحركات الاخرى. نتحول الى فيمنستيين عند الفعالية في الحركة النسوية، وسنديكاليستيين في الميدان العمالي و...

ان الخلية التي صغنا، في منتصف الثمانينات، اكثر اشكالها طليعية وتقدماًن واضفينا عليها بعداً اجتماعياً وقيادياً ووضحنا مهامها فيما يتعلق بالمحرضين لايمكن تحقيقها (اي هذه المهام-م) من قبل اللبنة الاساسية لحزب جماهيري. ان خلية الاعضاء العاديين لحزب جماهيري ليست قادرة على القيام بالاعمال المنشودة في بحث الخلايا.

في هذه المنظومة، اما تصبح الخلية حقيقة اطار لجلسات بحث ومناقشات غير اجتماعية لليسار الراديكالي غير الاجتماعي او لبنة حزب "طليعيين غير اجتماعيين". ليس بوسع هذه الخلايا ان تكون وسيلة ربط منظمة شيوعية جماهيرية بالمجتمع.

خلال الاعوام 83-86، قمنا ببحثين مهمين من نوع اخر. الاول، بحث التنظيم المنفصل، والثانين بحث الاتكاء على الشبكات النضالية الطبيعية والاجتماعية. كان الاول سياسة تنظيمية هدفها الرد على القمع والضغط البوليسي ولم يكن له بالنسبة لنا معنى يخص صلب هويتنا الشيوعية. طبقاً لهذه السياسة، ابقينا تنظيم الحزب منفصلاً، ولم نقيم اي هرم تنظيمي اعلى من الخلية او فوقها لاسباب امنية و...

البحث الثاني، كان بحث يتعلق بهويتنا، ومايطلق عليه اسلوب العمل. مبدئياً، ينبغي علينا، وفي اي وقت كان، ارساء تنظيم الحزب في خضم شبكات اجتماعية ونضالية. في واقع الحال، تم استنتاج خلاف هذا في الحزب الشيوعي الايراني، وتبين لاحقاً ان هذا الاستنتاج كان سارياً في الحزب الشيوعي العمالي ايضاً. اذ استخلص من التنظيم المنفصل سواء في الحزب الشيوعي الايراني ام في الحزب الشيوعي العمالي، استنتاج مفاده ان هذا البحث يخص هويتنا وماهيتنا، كما استخلص استنتاج امني من بحث ضرورة الاستناد الى شبكة الصلات الطبيعية والاجتماعية. كما لو ان تنظيمنا منفصل مبدئياً، وكما لو ان الاتكاء على الشبكات النضالية الكبيعية والاجتماعية هو للصيانة النفس والتنظيم امام الضغط البوليسي. وعليه، مع اي تغير ايجابي في ميزان القوى يعيد هذه الاحزاب تلقائياً الى خلايا عديمة الجذور.

في ذلك الوقت خاض منصور حكمت جدلاً ضد مثل هذا النوع من الاستنتاج. ولكن، وللاسف، لم يطرأ تغير على التصور العام في الحزب.

بهذه المقدمات، اود ان اؤكد على ان علينا الانطلاق في بحث نظرية التنظيم من تمركز فونكسيون اجتماعي. ان هذا الفونكسيون الاساس لاينبع من ضرورة تنظيم الاعضاء من اجل جلسات النقاش والبحث. ان هذا الفونكسيون ينبغي ان ينصب امام عينه مسالة تمركز تنظيم قيادة اجتماعية. قيادة المجتمع وليس فرقته، قيادة حزب او قيادة منظمتنا. ان جمع افراد يتشاطرون النظرات في المجتمع ليس فناً. ان توحيد وجمع القادة الاجتماعيين تحت سقف شيوعي هو فن.

في العالم الواقعي، ان الخلايا التي شكلناها في الحزب الشيوعي، وبالرغم من كل هذه الابحاث، هي سلسة من الخلايا غير الاجتماعية بدون استثناء، والتي اخفق سعيها الى الاضطلاع بدور قادة فكريين وعمليين وبدور منظمين وقادة جماهيريين وهو الامر الذي لامعرفة كبيرة لهم به بالطبع.

ان السؤال المطروح امامنا اليوم، أينبغي علينا العودة الى سبل الحل الناقصة والانتقائية؟ أينبغي علينا مرة اخرى ان ندخل اصلاحات على بحث الخلايا ودورها الاجتماعي ام نتعمق اكثر في المسالة مرة اخرى وبصورة كلية وشاملة؟

اذا شكلنا الخلايا بالخصائص نفسها، عندها ماذا يبقى من بحث حزب سياسي وحزب جماهيري؟ كيف نحل، وباكثر المستويات جذرية واساسية، التناقض مابين التنظيم وتركيب هذه اللبنات بانخراط الحزب والقيادة الاجتماعية للحزب؟

ان النقطة التي اود التاكيد عليها هي ان بحث الخلية ياتي من نظرية تنظيمية اخرى وان زرق العنصر الاجتماعي فيها لايحل تناقضاتها فحسب، بل يزيد منها.

ان التجربة تبين ذلك ايضاً. في ثورة اكتوبر، لم تكن الخلايا اطار تنظيم الحزب. بعد ذلك، وارتباطا بحاجات السيطرة على تنظيم الحزب، شكلوا الخلايا. في تجربتنا كذلك، حين تمكنا من تشكيل هذا الفونكسيون الحزبي-الاجتماعي، لم يكن لدينا خلية. ان تجربة تنظيم الاول من ايار في مدينة سنندج للاعوام 1987-1989 ما هو الا نموذج واحد على ذلك. في مناسبات الاول من ايار تلك استطعنا، وفي اوج الاجواء القمعية، تنظيم تجمعات جماهيرية عمالية عظيمة بشعارات يسارية واشتراكية. اذ لم تكن حركات عابرة وعفوية. بل كانت فعاليات مبرمجة ومخطط لها خططنا لها بدقة في لجنة تنظيمات المدن في كومه لا

*****

ان التحركات والمنظمات العمالية الجماهيرية التي تشكلت حولها مثل نقابة الصناعيين هي ثمرة الفعالية الجماعية لشبكات ومراكز القادة الشيوعيين الاجتماعيين والمنظمين الشيوعيين والتي ليس لها اي وجه شبه وصله بالخلية، وقمنا بشكل واعي بتنبيههم الى عدم تاسيس منظمات ومراكز غير اجتماعية. ان مثل اخر على اوضاع لعب فيها الشيوعيون دور جماهيري واجتماعي يعود مرة اخرى الى تجربتنا في اعوام 78-61 في مرحلة الثورة الايرانية. لقد نظمنا هجرة جماهير مريوان، ونظمنا مسيرة جماهير سنندج نحو مدينة مريوان، ونظمنا مقاومة جماهير سنندج لحملة الجمهورية الاسلامية والتي استمرت لـ 28 يوم.

لم تكن الخلية اساس اي من هذه الفعاليات. آنئذ كانت تنظيمات طهران مليئة بالخلايا ولم تتمكن من لعب اي دور اجتماعي. ولكننا شكلنا، في قمة اجواء الاستبداد، تحركات اجتماعية وجماهيرية عظيمة تحت قيادة وتنظيم الشيوعيين. ان رفاق جالسين هنا كانوا منهمكين بهذه الحركات، وكتاباتنا في جريدة بيام (البلاغ-م) التي اصدرتها منظمة كومه لا في حينها وابحاثنا في اذاعة صوت الثورة الايرانية تبين كيف كنا منخرطين لحظة لحظة وخطوة خطوة بتنظيم وتنفيذ هذا الحدث.

ان نفس تجربة العام المنصرم في الحزب الحكمتي، مقارنة بسائر التيارات الاخرى، تبين نفس الحكم فيما يخص درجة نجاحنا في تنظيم التحركات الاجتماعية مرة اخرى. وهنا لا اتطرق للتفاصيل لاسباب امنية، ولكن نفس مقارنة نتائج اسلوبنا مع اناس يعتقدون بتنظيم حركات اجتماعية عبر الامسيات التلفزيونية، الاستعراض السياسي او عبر الخلايا والنواتات التنظيمية التقليدية تبين ذلك ايضاً.ان ماجعل هذه التحركات امراُ ممكناً هو تمركز قادة اجتماعيين وجماهيريين ومنظمين حزبيين وجماهيريين من الطراز الاول في مؤسسة واحدة اطلق عليها "اللجنة الشيوعية".

القسم الثاني

اللجنة الشيوعية والتمركز "انطلاقاً من المجتمع"

لقد ذكرنا ان مايجعل التحركات الاجتماعية والسياسية للحزب امراً ممكناً هو تمركز الفونكسيونات (الهيئات-م) القيادية الاجتماعية، بالاضافة الى القيادة والتنظيم واللوجستية الحزبية في كائن تنظيمي واحد. اي ادغام القادة الاجتماعيين والجماهيريين والمنظمين الحزبيين والجماهيريين من الطراز الاول في مؤسسة واحدة اطلقت عليها اسم "اللجنة الشيوعية".

ان التمركز في مسالة القيادة والتنظيم، من حيث البعد الاجتماعي والحزبي، هو الامر الذي يمنح اللجنة معنى. وباستنادها الى هذه الخصائص، بوسع اللجنة ان تلعب مثل هذا الدور المحوري في المعمل، المحلة، المدينة والمدرسة والجامعة. انها تتمتع بمادة وامكانية لعب هذا الدور، وان فلسفة وشاخص تراجعها وتقدمها اساساً هو لعب مثل هذا الدور.

على النقيض من الخلية التي يعد تجمع الاعضاء والامور الناجمة عن ذلك هي نقطة انطلاقها، فان تمركز هذه اللجان ينبع من الحاجة الى خلق تمركز في النضال والقيادة والتنظيم الحزبي والاجتماعي لهذا النضال. اذ ليس اعضاء اللجنة، بالطبع، الاعضاء العاديين للحزب. انهم كوادر لاينشدون انجاز هذه الاعمال وان يغدوا "قادة" فحسب، بل انهم اناس بينوا عن ان بمقدورهم لعب مثل هذا الدور.

انهم كوادر او قادة جماهيريين واجتماعيين او منظمين جماهيريين من الطراز الاول او منظمين حزبيين من الطراز الاول، او مسؤوليين عسكريين من الدرجة الاولى، او استناداً لدور اي لجنة خاصة، متخصصين اخرين ايضاً يمنحون اللجنة امكانية لعب دور سياسي، نضالي، فكري، عملي وتنظيمي اجتماعي وحزبي سوية. انهم اناس ينظمون بصورة متحدة وسوية هذه التحركات. بدون دمج القادة الاجتماعيين والمنظمين الجماهيريين والاجتماعيين مع القادة والمنظمين والمتخصصين التنظيميين الحزبيين في مؤسسة واحدة، سيحيل امر القيادة الاجتماعية الى مماهاة هزيلة واستعراض سياسي وتنظيمي وامر التمركز التنظيمي الى تنظيم غير واقعي وغير اجتماعي بصورة لاندحة عنها.

اننا بحاجة الى تنظيم يكون اساس تمركزه نموذج جديد من تمركز ينطبق مع مجمل ابحاث اسلوب العمل واسلوب تنظيم شيوعيتنا، شيوعية منصور حكمت. تمركز يعد بعده الاجتماعي مَعْلَمِهِ الاساسي. تمركز يعجن المجتمع والحزب سوية ويجعلهما امراً واحداً فيه. تمركز بمقدوره ان يجعل التفاعلات الاجتماعية والجماهيرية وكذلك التفاعلات التنظيمية الحزبية امراً ممكناً معاً، ويخلق فعلاً تمركز حزبي في حيز ما او جغرافية ما.

ان نموذج تنظيم اليسار الراديكالي غير الاجتماعي يعمل بشكل "حسن" في مرحلة الاستبداد والقمع. يعقدون جلسة، يتناقشون، يصدرون بيانات وهم سريين. ان مثل هذه التنظيمات، هي تنظيمات اناس لايعرف حتى اصدقائهم، جيرانهم او زملائهم ايضا انهم اشتراكيين او شيوعيين. وعليه، ليس لهم دور في المجتمع بهذه الصفة. ولهذا فانهم تحت رحمة الملا والقومي والفاشي دوماً في محل تواجده.

مع انفتاح اوضاع المجتمع وتقلص القمع، اي عندما تصبح الاجواء الاجتماعية امراً حاسماً، وبوسع السياسة ان تولج الميدان بابعاد اجتماعية، يصبح هذا اليسار ضعيف ويبرز بوضوح عجزه وهامشيته بصورة تامة. انظر الى كل اليسار والشيوعيين التقليديين: حين يكون القمع قائماً، يتنامون، ولكن حين تنفتح الاجواء يضمحلون الى محافل صغيرة وعديمة التاثير. ان سبب هذه الوضعية المقلوبة راساً على عقب هي نتاج نفس الرؤية التنظيمية-غير الاجتماعية للحزب والحزبية. ان هذه قصة الحياة الهامشية وعديمة التاثير والمنفعلة لليسار الراديكالي في اوربا والغرب.

ولكن اللامبالاة والتخلي عن البعد التنظيمي والتحزب السياسي ينبع من ذيلية اخرى. اذا تتحرك فقط انطلاقاً من البعد الاجتماعي ستصل التصفوية الحزبية، السنديكاليستية او الاناركو سنديكالية (النقابية الفوضوية-م). في هذه الحالة تحل الحزبية السياسية في حركات اخرى. ان مركز الحزبية السياسية هي الاقتدار والسلطة السياسية. ان هذا الميل، وعبر اركانه للنضال السياسي من اجل استلام السلطة السياسية جانباً، يقلص دوره الى جماعة ضغط في اطار السلطة السياسية البرجوازية. اذ يغدوا في ميدان النضال والاحتجاج الاقتصادي للعمال سنديكاليستياً، و فيمنستياً في حركة تحرر المراة، وفي قضية اللاجئين ناشط للاعمال الخيرية و...الخ. انه تحزب يستند الى شبكات حركية ونضالية، تحزب بدون حزب. انه اسلوب نشاط تيارات يقتصر دورها اساساً على لعب دور جماعة ضغط على البرجوازية فقط، وليس بديلها انتزاع السلطة السياسية. انهم متخصصوا منظمات ماتسمى بكمبينية (حملات سياسية-م) فقط. ان مثل هذه التنظيمات، وهي وحتى وان كانت جماهيرية واجتماعية فعلاً وتستند الى المحرضين والقادة الجماهيريين والاجتماعيين، فانها تفتقد الى الية توحيد النضال بابعاد سياسية وحركية، لاضفاء افق، لقيادة ولتنظيم التحرك لانتزاع السلطة السياسية وتنظيم بديل للمجتمع، للثورة الاشتراكية.

مثلما اشرت، اذا انطلقت من الحزب والمنظمة الحزبية، فانك ستصل الى الخلايا غير الاجتماعية والايديولوجية لليسار التقليدي. انها تمركزات تنظيمية وعديمة النفوذ لاشخاص بغض النظر عن درجة المهامهم بالماركسية او لايتمتعون بدور اجتماعي، او لوكانوا يتمتعون بمثل هذا الدور الاجتماعي المذكور ، .... دورهم هذا خارج تمركزهم التنظيمي هذا. وعليه، تبقى المنظمة على هامش المجتمع. ليس بوسع مثل هذا النوع من التنظيم تنظيم ثورات واحداث اجتماعية وجماهيرية. ان بوسع هذه المنظمة توزيع البيانات، ان تقوم باعمال المراسلة الاخبارية، تقوم بالدعاية ولكن ليس بوسعها ان تحرك الجماهير بابعاد اجتماعية وتبقى قاصرة عن لعب دوراً يخص الحركة ودور اجتماعي.

اود ان اؤكد هنا على البعد الذي يخص الحركة لاننا نبغي جر المجتمع تحت مظلة السلطة الاجتماعية لحركتنا، الحركة الشيوعية. لسنا متطوعي تقديم الخدمات لحركات اخرى او منظمة مصلحين اجتماعيين او منظمة تقديم خدمات اجتماعية. ليس لنا صلة بثورة جماهيرية لحركات اخرى.

ولكن اذا لم نتمتع بمنظمة بالخصائص الاجتماعية والحزبية والحركية المذكورة اعلاه سنفتقد امكانية وافق تنظيم ثورتنا، وسنتحول الى تابع للاوضاع وبوق للمنظمات والحركات الاخرى. انظر الى كل اليسار غير الاجتماعي. ان هذا هو مصيرهم. انهم ليسوا قادرين على عمل اي شيء بانفسهم، كما انهم قاصرين عن لعب دور اجتماعي كذلك.

وبوجه هذه الرؤية، لدينا رؤية تحزب سياسي-اجتماعي تعود نقطة انطلاقه الى ابحاث المؤتمر الاول لاتحاد المناضلين الشيوعيين والخاصة بنقد اسلوب العمل الشعبوي، بحث مباديء واسلوب عمل الخلايا الحزبية لخسروداور وكذلك ابحاث اسلوب العمل التي طرحها منصور حكمت.

ان اللجنة الشيوعية هي مجاميع تتمثل مهمتها بقيادة اجتماعية-جماهيرية وتنظيم حزبي جماهيري وتامين سيادة السياسة الشيوعية للحزب في المنطقة او نطاق عمل هذه اللجنة. انها في الحقيقة تمركز كوادر. ان مهمة هذا التمركز هي تنظيم النضال الاجتماعي تحت سياسات الحزب وشعاراته واهدافه وتكتيكاته. ينبغي ان يتمكن هذا التمركز، وعبر تقسيم العمل داخله، من القيادة الاجتماعية والقيادة السياسية والجماهيرية، القيادة التنظيمية والتحضيرية والامنية والعسكرية لفعالية الحزب وكذلك تامين وضمان التفوق الفكري لشيوعيتنا على سائر التيارات الفكرية والحركية في مكان فعالية اللجنة.

ينبغي ان تصيغ هذه اللجان الادوات اللازمة للعب مثل هذا الدور. ان تتحول نفسها الى محرضين وقادة اجتماعيين و/او تجذب القادة والمحرضين الاجتماعيين الموجودين اليها؛ ان تصبح هي متخصصاً في التنظيم والاعداد والامنية والنظامية الحزبية والاجتماعية و/ او ان تجذب هؤلاء المنظمين و المتخصصين اليها. ان اللجان مجبرة على حل التناقض او المنافسة مابين الكاتب والمحرض الجيد وبين القائد الاجتماعي المقتدر؛ التناقض والمنافسة مابين المنظمين المقتدرين (والذين في الاغلب ليسوا كتاب جيدين ولا محرضين مقتدرين) مع دور القادة الاجتماعيين. اذ لايتقدم عمل هذه اللجنة .. كلا الخاصيتين. بنفس القدر الذي يحتاج حزب شيوعي اجتماعي الى قائد ومحرض اجتماعي، يحتاج الى مختص تنظيمي جيد.

من الناحية الحزبية، ان هذه اللجان مسؤولة وقائد الفعالية الحزبية في محيط عملها. ان مَعْلَمْ نجاحها وموفقيتها هو ليس عدد البيانات التي وزعتها، ولاعدد الاخبار التي اوصلتها، بل ان المعلم الموضوعي لنجاح هذه اللجان وموفقيتها هو مدى الدور القيادي والموحد الحزبي والاجتماعي الذي لعبته، وكم تحول الحزب الى تيار سياسي، اجتماعي وفكري وعملي سائد في نطاق عملها. وللقيام بهذا العمل، فان هذه اللجان، بالطبع، بحاجة الى اقامة تنظيم مناسب، توزيع البيانات، جلب الاعضاء، المراسلة الاخبارية وغيرها. ان الشاخص الاخير هو كم تمكنت هذه اللجان من ان تجعل النضال متحداً، كم تمكنت من جعله منظماً، كم تمكنت من جعل هذا النضال يقاد حول سياسات الحزب، وبهذه العملية، كم بنت الحزب. ان هذه كلها هي ابعاد ظاهرة واحدة. برايي، ان الخطوة اللاحقة في نظريتنا التنظيمية وفي بناء الحزب هي تشكيل اللجان الشيوعية.

ياتي تنظيم الاعضاء، الذي هو مهم بدربه، تحت جمع اللجنة الشيوعية وتابع لها. ان تنظيم الاعضاء هو تنظيم غير مستقل ولامعنى له لوحده، ليس بوسعه الحياة بوحده. ولهذا، ينبغي ان لايكون نقطة انطلاق توجهنا التنظيمي. برايي، ان التنظيم الاساس للحزب هو تلك الوحدة الاساسية التي تقوم بالنشاط والحياة الحزبية في اطار محيط عملها وان جنسها ونوعها مثل الحزب نفسه.

لايمكن اللجنة الشيوعية ان لاتضم في محيط عملها قائدأ اجتماعياً ولا منظماً اجتماعياً وحزبياً مقتدراً وان تكون فقط تركيبة من "الناس الجيدين" الايديولوجيين. ان هذا يتناقض مع هدف وفلسفة وجود اللجنة. ان اللجنة الشيوعية هي تركيبة من اناس يقومون سوية بعمل قيادي وتنظيمي اجتماعي وحزبي. اعمال لاتاتي من شخص واحد، ليس هناك اي شخص بمفرده يتمتع بكل هذه الصفات.

ان عدم فصل هذين النوعين من الفعالية الاجتماعية والحزبية ودمجهما الصحيح في منظمة حزبية سليمة خلق لنا مشكلة. على وجه الخصوص، يتمتع حزبنا بقادة بوسعهم، وبابعاد اجتماعية، ان يجلبوا اناس بالالاف كاعضاء للحزب، لدينا قادة بوسعهم ان يدبوا الحركة في المجتمع والجماهير لقضيتهم. ولكننا نطلب منهم ان يكونوا منظمين حزبيين مقتدرين وان يكونوا كتاب بارزين ايضاً. من جهة اخرى، نطلب من المنظمين البارزين الحزبيين وكتابنا المقتدرين ان يلعبوا دور قائد اجتماعي. سيبلغ كلاهما افاقاً مسدودة، ولا تلعب منظمتنا الحزبية دور القائد الاجتماعي بصورة صحيحة ولانقيم تنظيم صحيح اساساً.

ان اناس يجلبون الناس بابعاد جماهيرية للحزب وسياساته ليسوا عادة وبالضرورة ان يكون بوسعهم انفسهم تنظيم الناس بصورة صحيحة، وان يكسبوا من يتم جذبه، ينظموهم، ينموونهم ويربوهم ويرتبوا امورهم، ويؤمنوا التحضيرات الحزبية، ويوصلوا الجريدة للاخرين، ينظموا ويرشدوا الوحدات والعمليات النظامية، او ان يكون متخصصي تنظيم وادارة شبكات ومنظمات حزبية وغير حزبية، متخصصين امنيين وغيرها والذين يمثلوا اجمالاً مايطلق عليهم اسم القادة الصامتين (quiet leaders).

القسم الثالث

اللجنة الشيوعية-محل الاندغام التنظيمي للحزب والمجتمع

لقد ذكرنا ان ليس لاي من القادة الاجتماعيين-الجماهيريين او القادة التنظيميين الذين يطلق عليهم بالصامتين اهمية تفوق الاخر. ان مصير حزب سياسيي شيوعي والثورة الشيوعية الفناء بدون اي من هذين النوعين من الكوادر الحزبية، بدون هذين الركنين. اذ تتشكل اللجنة الشيوعية اساساً بهدف دمج كل هذه الخطط ومن اجل ضمان تنفيذها. اذا سعيت ان تبني الحزب على ركن من هذه الاركان اما تتحول الى تيار بدون حزب، مثل الحملات، جماعات الضغط التي لايتمتع التحزب السياسي بتلك الاهمية والمكانة لديها. او بحذف او تقليص دور واهمية القادة الاجتماعيين والجماهيريين، تتحول الى منظمة منضبطة ومتينة، ولكن فئوية ومقطوعة من المجتمع.

ان العجز عن ادغام ودمج كلا الدورين هذا هو احد المعالم الولادية لليسار الراديكالي الهامشي. من المهم ان نكن مدركين لحقيقة ان من النادر في الحياة الواقعية ان تجد اناس بوسعهم ان يلعبوا كلا الدورين في ان واحد. تتمثل اهمية الحزب والمنظمة، وعبر وضع هؤلاء الناس ذوي القدرات المتباينة جنب الى جنب ودمجهم في كائن ثالث، بان يكون بوسعها صياغة تحركات في المجتمع بحيث يغطوا هذين الصعيدين كلاهما.

اوصيكم بالحصول على رواية نينا وان تقرأوها، وان تدققوا وتتعمقوا بهذا الجانب من الحركات التنظيمية للبلاشفة. اما بقية جوانب نينا، ومن بينها دور الابطال او خط ومسار الرواية، فانها ليست موضوع بحثي. انظروا كيف نظموا الاول من ايار. تمعنوا في اسلوب عمل اللجنة الحزبية في باكو، عملية انضمام شخص (اجدر) للجنة باكو وغيرها. سترون تركيبة المنظمين والقادة الاجتماعيين. في 1 ايار، جمعنا، في اوج الاجواء القمعية، عدة الاف من الناس وعملنا على غرار ذلك. مع اختلاف وهو ان مصير من يُعتَقَلْ من الفعالين الحزبيين في روسيا النفي، وفي منتصف الطريق يفر اغلبهم الى اوربا، اما في حالتنا فيعدم فوراً.

على اية حال، يتمثل بحثي بان الخطوة اللاحقة في نظريتنا التنظيمية هي تشكيل اسس تنظيمية للحزب تتمتع بقدرات اجتماعية من ناحية، وبوسعها تحريك المجتمع، ومن ناحية اخرى، تتمتع بماكنة حزبية لاتجعل هذه الحركة امراً ممكناً وتنظمها فحسب، بل يتحول اي تقدم يطرأ الى تعاظم القدرة التنظيمية وازدياد التحرك الاجتماعي والسياسي للحزب وبوسعها (اي الماكنة الحزبية-م) ان تحول اي تقدم الى خندق متراص بحيث يجعل تقهقر المجتمع والحزب عن هذا الخندق امراً عويصاً. ماكنة يكسب فيها اعضاء واصدقاء الحزب الذين تم جذبهم ويتم ادغامهم في تنظيم الحزب و... ان هذا الاساس التنظيمي هو اللجنة الشيوعية. ان بحثي يتمثل بضرورة استناد تنظيم الحزب الى مثل هذا الفرع الاجتماعي-التنظيمي، اي الى اللجان الشيوعية.

اما فيما يتعلق بمهام اللجان الشيوعية، يمكن الحديث عن هذا الامر بالتفصيل. ولكن قبل الحديث باسهاب عن مهام هذه اللجان ، يجب ان تكون اهدافها واضحة.

ينبغي ان يكون امراً جلياً امامنا الا وهو ان هدف هذه اللجان هو جانبين لايمكن فصلهما عن بعض.

وبالتحلي بهذه الاهداف، يمكن استنتاج المهام، الاعمال والامور الروتينية.

قيادة نضال الجماهير والطبقة العاملة، تغيير توازن القوى السياسي تحت سياسات الحزب في ميدان نشاط لجنة ما وخلق تنظيم حزبي ملائم ومتناسب معه. وعليه، يعد توحيد الناس، كسب الاعضاء، النضال النظري مع العقائد المغايرة، تربية الاعضاء، الوضع الامني، تنظيم صلة القادة العلنيين بالتنظيمات السرية، حمع المساعدات المالية، خلق الكوادر وغيره امراً حياتياً.

اذا سالتني اللجنة الشيوعية في معمل فولاذ مثلاً ماهي مهمتي؟ اجيب ان وظيفتكم هي تنظيم النضال في الفولاذ تحت سياسات الحزب، خلق تنظيم حزبي مقتدر. واقول للجنة ينبغي ان تكون قائد عمال الفولاذ. وبالتالي، انها مجبرة على جذب القادة الموجودين والمنظمين المقتدرين اليها وهضمهم في صفوفها وكذلك ان تخلق من الشيوعيين الموجودين قادة او منظمين مقتدرين.

حيث هناك نضال، هناك قادة وشبكات نضالية ايضاً. ان النضال الاجتماعي يستحيل دون وجود قادة ودون وجود شبكة نضالية. لقد كان بحث اسلوب عملنا في اعوام 81-82 هو ان على تنظيم الحزب ان يقوم بفعاليته في هذه الشبكات وان يجلب هؤلاء القادة اليه. ان اللجنة الشيوعية هي المكان الذي يتمركز فيه هؤلاء القادة وهؤلاء المنظمين تحت راية سياسات الحزب. وعليه، يعتبر العمل مع القادة الجماهيريين والعمل من المنظمين الاكفاء وجلبهم هو في مقدمة اولويات اللجنة.

اللجنة الشيوعية هو تحرك حي داخل المعمل، في المحلة او في اية اجواء وشبكات نضالية. انها قلب الحزب الذي ينبض دوماً في مكان تواجدها.

لو ارادت لجنة شيوعية ان تلعب هذا الدور، ينبغي ان تُؤسس على الصلات الاجتماعية والطبيعية للاشخاص. ان ربط جمع من الناس سوية استناداً الى كون ايديولوجيتهم واحدة يخلق جمع غير اجتماعي. من الممكن ان نقوم بمثل هذا العمل ايضاً في اوضاع ما، ولكن هذا الاسلوب هو ليس الاسلوب الروتيني لتاسيس لجان شيوعية. من الممكن نقل هذا الشخص او ذاك، هذا المسؤول او ذاك الى لجنة ما، ولكن اساس والبنية الرئيسية للجنة يجب ان تكون متجذرة في المجتمع، ولهذا يجب ان ترتكن استناداً الى الصلات الطبيعية، الاجتماعية والنضالية في مكان او محيط ما.

بالاخص، في الاوضاع التي نمر بها اليوم، يعاد بناء التحزب الشيوعي في سياق تقليد غير اجتماعي وهامشي الى حد كبير. يجب الانتباه الى هذا الجانب.انها المرة الاولى بعد عقد الثمانينات التي نعود بها لتناول تنظيم الحزب في الداخل، ونسعى لبناء الحزب مرة اخرى وفق الرؤية الجديدة التي شكلناها في 20 سنة المنصرمة.

يجب ان ننتبه الى اننا نبغي بناء حزب في سياق وجود تقليد ما الا وهو ان اؤلئك الاشخاص يتم ربطهم مع بعض بمعزل عن محيطهم الاجتماعي، وان نشاطهم يتمثل اساساً بعقد الجلسات، وفي اقصى الاحوال توزيع البيانات او المشاركة في التحركات الاكسيونية. اذا انتزعت التحركات الاكسيونية والاعداد للتحركات الاكسيونية من هذا التقليد، لايبقى لديه مايعمله. ان التصوير المعطى اليوم عن النشاط في تنظيم يسار راديكالي هو هذا بالضبط. ان تصور اي شخص ينخرط في الفعالية المنظمة لليسار الراديكالي هو ذات التصور: نعقد جلسة، نبحث ونناقش، نعلن موقفاً، وابلاغ الجماهير بهذا الموقف ( والذي ظهر اخيراً نموذجه التلفزيوني ايضاَ) واقامة حركة اكسيونية.

تنظيمات ليس اماكنها راسخة وثابتة في اي مكان اطلاقاً، وشيوعيون يعد تبادل اطراف الحديث فيما بينهم امراً يسيراً مقارنة بالذهاب للناس والتحدث اليهم. شيوعيون ليس بوسعهم الحديث بلغة سائر البشر، ولايفهم احد غيرهم كتاباتهم وحديثهم، شيوعيون ليس بوسعهم جذب الناس وعاجزين عن ان يكونوا قائداً الجماهير.

اننا ننشد بناء حزبنا على هذا التقليد المعطى للمجتمع. وعليه، يجب ان نتحلى بحساسياتنا الخاصة.

يتوجب الانتباه لعامل اخر وهو ان ليس بوسع اللجنة الشيوعية ان تكون صنفية وقسمية (من كلمة اقسام-م). اذا ارادت لجنة شيوعية ان تلعب الدور الذي ذكرت، عندها ينبغي ان تكون لجنة الشيوعيين. اي ان اللجنة الشيوعية في مكان ما هي لجنة شيوعيي ذلك المكان. وحسب قول لينين، لجنة في مكان ما تضم في صفوفها العامل الشيوعي، بائعة الهوى الشيوعية، الطالب الجامعي الشيوعي، الجندي، الفلاح او اي انسان شيوعي اخر. مثلاً، في الجامعة، يجب ان لاتكون اللجنة الشيوعية لجنة الطلبة الشيوعيين فقط. يجب ان تكون لجنة الطالب، الاستاذ، الموظف، عامل التنظيف، واي بشر شيوعي اخر في تلك الجامعة. وعلى الغرار ذاته، ينبغي ان تكون اللجنة الشيوعية في المعمل، المحلة، المزرعة وغيرها، كل منها، لجنة شيوعيي ذلك المحيط. لايمكن ان تكون اللجنة الشيوعية لجنة صنف العمال الشيوعيين، الطلبة الشيوعيين، الفلاحين الشيوعيين والنساء الشيوعيات او غيرها.

ينبغي ان تلعب اللجان الشيوعية دور يضاهي دور العقد العصبية في الشبكات النضالية والاجتماعية وان تصبغ هذه الشبكات بصبغتها، وان تبث عبر ذلك الحركة في المجتمع من ناحيتها. ان المجتمع هو ظاهرة مدغمة ومندمجة. لايقوم العامل بنضاله في المعمل فقط. اذ يعيش العامل في محلة ايضاً، ولديه مشكلات تتعلق بالماء والكهرباء والهاتف، لديه مشكلة مدرسة اطفاله، لديه مشكلة خطر تعرض اطفاله للادمان، ابنه يدرس في المدرسة و الجامعة، يُفرض الحجاب على ابنته قسراً وتتعرض للتمييز الجنسي و... العامل انسان. انه ليس بصنف.

انه انسان يعيش في هذا المجتمع، وفي هذا المجتمع ينبغي ان يناضل من اجل كل شيء وحول كل شيء هذا تتشكل شبكات نضالية وشبكات دعم، وان هذه الشبكات متصلة ببعض في الحياة الواقعية، تتاثر من بعض سلباً ام ايجاباً، وتؤثر ايضاً. ان لامر محال ان يكون في مكان ما عامل اشتراكي او داع للعدالة ولايكترث لطالب او اناس اشتراكيين وشبكات نضالية محتجة في ذلك المحيط. ان الشبكات النضالية هي السلسلة العصبية للمجتمع ترتبط مع بعض في مكان ما. ان اللجان الشيوعية بوسعها ان تتشكل وتعمل فقط في سياق وخضم هذه الشبكات النضالية، وبالاخص شبكة الفعالين الاجتماعيين اليسار والشيوعيين. بوسع الشبكة النضالية التي تربط المعامل، الاقسام والفروع، الجامعات وهذا القسم او ذاك من المجتمع معاً بوسعها ان تحقق اهداف اللجان الشيوعية.

حين تنظر للمستقبل، اللجنة الشيوعية هي مركز كوادر الحزب. حين تعود الى رواية نينا ترى ان جميع كوادر الحزب البلشفي في باكو هم جزء من لجنة باكو. ان لجنة باكو عبارة عن مجمع للكوادر البلشفية في باكو. لديهم اعضاء كثر، لكنهم ليسوا في اللجنة، ولايعرفون من هم اعضاء اللجنة. لديهم علم بوجود لجنة، لان اللجنة تصدر بيانات وتبين عن نفسها، وساعود لاحقاً لتناول هذه المسالة. ان نينا اجمالاً هي قصة تحول عامل اسمه "اجدر" الى كادر حزب، وبالتالي انضمامه الى لجنة باكو البلشفية. يُربي كوادر اللجنة "اجدر"، يمتحنوه وبالمطاف الاخير يضموه الى عضوية لجنة باكو الشيوعية.

من الممكن ان لانُعَّرِفْ جميع الكوادر في الجامعة او المعمل مع بعض في لجنة واحدة لاسباب امنية. ولكن ينبغي ان ينظم هؤلاء الكوادر انفسهم في مجاميع مضاهية للجنة الشيوعية وننشد منهم فعالية على هيئة وشكل لجنة شيوعية.

في الخطوة الاولى، سواء لاسباب امنية وكذلك لاسباب تتعلق بكون هذا النمط من العمل جديد بالنسبة لنا، يجب ان نتخذ اسلوب التنظيم المنفصل. سنصون هذا الفصل على صعيد اللجان الشيوعية. بعدئذ، ومع اول فرصة تسنح لنا، ينبغي ان تتمركز لجاننا الشيوعية في اي مكان وان تضع على عاتقها مهمة قيادة ومسؤولية الحزب في تلك المنطقة او مكان ما بصورة تامة. ان المركز الذي يتخذ قرار في هذا النطاق هو اللجنة الشيوعية التي تتخذ القرارات في حدود واطار السياسة وسلسلة المراتب الحزبية وتنظم وتقود محيطها. في هذه اللجان ، يشارك القادة الاجتماعيين والجماهيريين والمتخصصين التنظيميين، المتخصصين في اعمال التزوير، الامنية، التحضيرات، المالية، النظامية، الدعاية، الادبيات والجرائد، التربية وغيره وغيره، اناس يقومون بدور اكبر من عضو عادي في الحزب ويحملون مسؤوليات ما.

اذا كان شاخص نجاح الخلية هو تقليدياً امور تتعلق بداخل الحزب، فان شاخص نجاح اللجنة الشيوعية يخص خارجه وفي المجتمع تماماً. ان الشاخص هو كم تم تغيير المجتمع؟ كم تم تنظيم الناس؟ كم اصبحت الطبقة العاملة اكثر اتحاداً؟ كم تحول الحزب الى قوة سياسية، فكرية ونضالية سائدة؟ و...

ماذا يحل بتنظيم الاعضاء؟ في المستقبل، سَيُنَظَّمْ الاعضاء حول البيوت الحزبية وفونكسيوناته. ولكن في الوقت الراهن، ينبغي ان يتم تنظيم الاعضاء في مجاميع و شبكة او مجاميع مختلفة نضالية، اجتماعية، سياسية، فكرية وغيرها حول اللجان، وان احد الاعمال المهمة للجنة الشيوعية هي جذب وتنظيم الاعضاء في هذه الشبكات والمجاميع والسعي الدائم للارتقاء بها وتوسيع اللجنة. ان الاعضاء ينتظمون ايضاً في هذه الصلات، ويتم توظيف والاستفادة من اي جهد يصرفونه، ويتم تربيتهم، ويتعلموا ويضاف المتطوعين المستعدين الى اللجنة او يشكلوا لجان جديدة. في داخل البلد، يجب المحافظة اليوم على الاعضاء في نفس الشبكات النضالية ويجب ان تولي اللجان حواسها لهؤلاء الاعضاء.

بوسع اللجان الشيوعية ان تتخذ اشكال متنوعة. ان اساس عمل اللجان الشيوعية يخص جغرافية معينة مثل معمل، محلة، مدينة، قرية، مدرسة، جامعة و... بيد ان اللجان لاتقتصر على هذه الاشكال. بوسع اللجان الشيوعية ان تكون متعلقة بمنظمة جماهيرية (نقابة، جمعية، منظمة غير حزبية وجماهيرية، مجلس و...) او لجان متعلقة بقسم خاص مثل النفط، الكهرباء وغيرها. حتى في الاوضاع الابتدائية والمحدودة الراهنة، من الممكن ان تكون هناك لجان متعلقة بشبكات نضالية قد تربط عدة جامعات ومعامل ومراكز فنية وغيرها. بوسع اللجنة الشيوعية ان تكون مرتبطة بميدان خاص من النضال مثل ميدان حركة المراة او الشبيبة او... ينبغي التعامل بابداعية عالية ومرونة بصورة تامة بهذا الخصوص.

المهم ان تصبغ اللجان المحيط الذي حولها بطابعها، تنظم هذا المحيط، مثل بلور الكريستال حين يوضع في سائل مشبع يتبلور المحيط الذي حوله بسرعة. حين تتشكل لجنة شيوعية في مكان ما، يتغير تعامل الجماهير، تناسب القوى السياسي، الثقافي والاجتماعي لصالح النزعة التحررية والمساواتية، ويكسب الحزب وسياسات الحزب نفوذاً اكبر، وتتغير الاجواء التي يقيموا فيها الفعالية. ان التحزب الشيوعي يعني تنظيم نضال اناس من اجل حياة وعالم افضل، في كل بعد من ابعاده وبالاخص في البعد السياسي من اجل اقتدار وانتزاع السلطة السياسية بوصفه اهم ركن لسعي الانسان نحو عالم افضل. على هذا الاساس، يمكن ان ندرج جزء من مهام اللجان كالتالي: تنظيم وتوحيد النضال تحت سياسات الحزب.

يجب ان تتمتع اللجنة بحقوق وصلاحيات من اجل تحقيق هذه الاهداف.

1- ينبغي ان يكون للجنة حق القيام بالفعالية باسمها. اذ يستحيل ان تكون قائد امر ما بصورة سرية وبدون اسم. ولاسباب امنية، يجب ان تستشيرنا اللجنة بامر الظهور العلني للجنة ام عدمه قبل الاقرار عليه. ولكن، طبقا للتعريف، يجب ان تكون اللجنة الشيوعية لجنة ذا هوية وبوسعها الاستفادة من هذه الهوية. ينبغي ان يكون بوسعها ان تصدر بيان، جريدة، كراس، وان يكون لها صفحة الكترونية (سايت انترنيتي)، بريد الكتروني وعناوين الكترونية جماعية و... ان للظهور اشكال متفاوتة ومختلفة بوسع اي لجنة، وفقاً لامكاناتها ومحيط فعاليتها، الاستفادة منها.

ان بحثي هو اذا كان للجنة الشيوعية مهمة ما، ينبغي ان تتمتع بحق واتخاذ القرار ايضاً بما يتناسب مع تلك المهمة. ان اعلان وجود اللجنة باسمها وكسب الاعضاء للحزب هما جزء من اكثر هذه الصلاحيات اساسية وبديهية. بوسع الحزب حل لجنة او تنظيمات ما اذا ما راى ان هذه اللجنة تسير خارج نطاق سياساته ولم ينفع سعيه من اجل تطابقها معه. ان هذا عمل تقوم به جميع احزاب العالم.

2- ينبغي ان تمثل اللجنة الشيوعية في مؤتمرات الحزب وكونفرانساته. يجب ان تتمتع بحق التصويت بصورة متناسبة مع دورها واهميتها في المجتمع وفي الحياة السياسية للحزب. ان لم تمنح هذا الحق للجان، فانك تقلص ثقل لجنة حزبية في تنظيم الحزب الى ثقل جمع متفرق من الاعضاء في زاوية منسية من العالم. هناك معضلة من حيث الامور الامنية والانتخابات في الاوضاع السرية، ولكن ينبغي على اية حال اللجوء للابتكار والابداع وتامين تدخل هذه اللجان في الابحاث والمناقشات، صياغة السياسات، الانتخابات وقرارات الحزب ومقرراته. من الممكن مؤقتاً، بسبب الاوضاع البوليسية، ان تكون هناك منظومة انتخابية وافية ولكن ينبغي تامين تمثيل هذه اللجان على اية حال. وان هذا الامر قد لايمكن القيام بشيء اتجاهه فيما يخص الانتخابات، ولكن يجب ان لايشمل هذا مسالة التمثيل السياسي والتنظيمي للجان.

بعد النقاش والبحث الوافي بهذا الخصوص، سنقر قرارات وطروحات ضرورية ونعد وثائق ضرورية فوراً. ان تحقيق هذا الامر يتمتع باهمية عاجلة بالنسبة لنا.

توضيحات الكاتب:

1 - راجع مثلا منصور حكمت "سياستنا التنظيمية بين العمال" و"حول سياستنا التنظيمية العمالية"، "الخلايا الحزبية والاكسيونات (الحركات) العمالية- بصدد اهمية المحرض والتحريض العلني"، الحزب الشيوعي الايراني والعضوية العمالية"، "المباديء التنظيمية للحزب الشيوعي العمالي"، "الحزب والمجتمع"، "الحزب والسلطة السياسية و... المنشورة جميعاً في مختارات منصور حكمت، المجلد 1 ، ويمكن الحصول عليها في سايت اثار منصور حكمت: http://www.hekmat.public-archive.net. كذلك راجع كورش مدرسي "ملاحظات حول النضال القانوني"، "التنظيمات العمالية بفروع نظامية"، "نقاط حول التنظيم الحزبي في ايران"، "حول مهام اصدقاء الحزب في ايران" و.... الموجودة في سايت كورش مدرسي http://www.koorosh-modaresi.com. ( ان ماتحته خط يمكن الحصول عليه بالعربي في سايت الحزب الشيوعي العمالي العراقي: http://www.wpiraq.net/arabic/mansor-hekmat/archive.mansor.htm -م)

2- راجع كراس خسرو داور "الحزب، نواة التنظيم، القيادة" المنشور في "العامل الشيوعي" (لسان حال الحزب الشيوعي الايراني) العدد 2، 83-1984، "مباديء عمل الخلايا الحزبية"، ملحق 1 للعامل الشيوعي العدد 9، 1984، وجول مهام مؤيدي الحزب الشيوعي" 1984.

3- راجع منصور حكمت، "المباديء التنظيمية للحزب الشيوعي العمالي"

4- راجع منصور حكمت، خطابات المؤتمر الثالث للحزب الشيوعي العمالي اكتوبر 2000.

5- وضحنا في بحث الثورة الروسية، احالة اليسار التقليدي لهذه النظرية حول التحزب الى لينين هو امر غير صحيح. راجع كورش مدرسي "اللينينية، البلشفية والمنشفية، تقييم تحليلي للثورة الروسية www.hekmatist.com

توضيحات المترجم:

* الثاني من خرداد، وهي حركة قام بها احد اجنحة نظام الجمهورية الاسلامية، تمظهرت بشكل "اصلاحي" محدود وهزيل. كان هدفها هو امتصاص الحركة الساخطة والهادفة الى الاطاحة بنظام الجمهورية الاسلامية وانقاذه، عرفت هذه الحركة باسم شخصيتها الاساسية، محمد خاتمي رئيس الجمهورية في حينه. ولاقت هذه الحركة فشلاً ذريعاً.

**خسرو داور، احد قادة والشخصيات البارزة للحزب الشيوعي الايراني ومحرض جماهيري بارز في حينه. مسؤول سايت منصور حكمت.

*** الحزب الشيوعي الايراني، تاسس في عام 1982 بالدور الريادي والطليعي لمنصور حكمت، وتاسس من عدة منظمات وبالاخص اتحاد المناضلين الشيوعيين ومنظمة كومه له وفعالين يسار وشيوعيين.

**** الحزب الشيوعي العمالي الايراني، تاسس عام 1991 بعد استقالة منصور حكمت والمكتب السياسي واغلبية كوادر الحزب الشيوعي الايراني وتاسيس الحزب الشيوعي العمالي الايراني، كاتب المقال من بين مؤسسيه، وقد استقال مع اغلبية قيادة وكوادر الحزب لتشكيل الحزب الشيوعي العمالي الايراني-الحكمتي .

***** كومه له، منظمة يسارية ماوية، تاسست في منتصف السبعينات من القرن الماضي، طرات عليها تغييرات كبيرة تحت تاثير ابحاث ودور منصور حكمت، اسست مع اتحاد المناضلين الشيوعيين الحزب الشيوعي الايراني في 1982 واغلبية كوادرها القيادية وشخصياتها الان في الحزب الحكمتي.

******

تمت الترجمة عن "حكمت"، المجلة النظرية-السياسية للحزب الشيوعي العمالي الايراني-الحكمتي العدد 3 ابريل 2006. صدرت هذه السلسة لاول مرة في جريدة الحزب الشيوعي العمالي الحكمتي "سازمنده كومنيست" (المنظم الشيوعي) في الاعداد 8-10 والصادرة في شباط واذار 2006.