علي جوادي: يحوم الجدل داخل اجنحة الحكومة الاسلامية حول مسالة العنف؛ وقد خصصت مطبوعات بحث خاصة لذلك؛ اذ يطرح خاتمي ان الاسلام دين الرافة؛ ويقول مصباح يزدي ان الاسلام دين العنف؛ فيما يقول خامنئي ان الاسلام دين الرافة وكذلك دين العنف. ان المكانة والدور الذي يتمتع به العنف في المنظومة الحكومية للاسلام واضح الى حد كبير. بيد ان سؤالنا هو ماهي المكانة السياسية التي يتمتع بها هذا الجدل في المجابهات الاجتماعية وفي الاوضاع الراهنة؟
ان يقول طرف ما ان الاسلام عنف وطرف اخر يقول ان الاسلام رأفة بحد ذاته انعكاس على الاقل لطرف ما ان العنف الاسلامي الشديد ليس ذا نفع. اي ان الجماهير لن يخرسها العنف بعد؛ وان مصير الجمهورية الاسلامية في خطر؛ وينبغي التعامل مع الجماهير بطريقة اكثر ملائمة. بالطبع ،يظن الطرف المقابل ايضاً انه بمحض ما ان ترتخي القيود لايبقى اثر من الجمهورية الاسلامية. برايي، انه لبحثاً مُضَلِلاً ان العنف في الاسلام موجود ام لا لان الاسلام يعني العنف في اشرس واسوأ انواعه.
علي جوادي: مع نهاية مرحلة الحرب الباردة، ومع انهيار الكتلة الشرقية، شهدنا ان المفكريين البرجوازيين طرحوا ان مرحلة العنف قد ولَت وان الصراع الطبقي بلغ خاتمته واعلنوا نهاية التاريخ وغيرها. ماهي الصلة، برايكم، بين هذه الابحاث وبين بحث العنف في الجمهورية الاسلامية، أثمة صلة بينهما؟
كورش مدرسي: ليس ثمة اي صلة بينهما. ان ذلك البحث الذي طرحه مفكرو الغرب بعد الحرب الباردة كان بحثا اكثر اساسية يتعلق باساس المجتمع ومعنى العنف والذي كان هدفه استغلال انهيار الكتلة الشرقية لدق مسمار فلسفي على اي نوع للاحتجاج والمساواة. اما الجدل الجاري في الجمهورية الاسلامية فانه جدل سطحي الى حد كبير ويتمتع بخاصية تنفيذية وسياسية ومصلحية يومية بالنسبة لهم. اعتقد ليس هناك احد في مجتمع ايران وفي تلك المنظومة وحتى بين الاجنحة نفسها من يعتقد ان العنف غير موجود وان الاسلام يستند الى الرأفة. انهم يستخدمون ذلك ويوضفوه للاستهلاك اليومي. ومثلما ذكرت ان السيد خاتمي والعديد من قادة الثاني من خرداد هم رؤوساء القوة التنفيذية وان ساسة هذه الحكومة مخضبة اياديهم حتى المرفق بدماء العديد من الجماهير. اذ لازالت المراة والرجل يرجمون بجرم العلاقة الجنسية، لازال الشيوعيين يُعدمون، وان الف بربرية وبربرية لازالت تُرتكب في المجتمع. أيتحدث اليوم الذين يدافعون عما قاموا به من قتل جماعي في الفترة مابين 82- 8991 عن الرافة! انهم لازالوا يذكروا ما قاموا به على انه خلفية وسجل ثوري وان تكرر مرة اخرى سيقوموا بالافعال ذاتها. لهذا اعتقد ان البحثين لايمتان بصلة ببعض. ان ذلك البحث الاول يتعلق بدور العنف في المجتمع و كان مصدره وهدفه هو الهجمة النظرية على الايديولوجيا الاحتجاجية اونشدان المساواة، اما هذا فانه بحث سياسي متدني للاستهلاك اليومي.
علي جوادي: دعنا نتناول تلك المسألة التي يطرحها المفكرون البرجوازيون بكون العنف يأتي من الجماهير المحتجة والحركات الاحتجاجية على النظام القائم؛ ويعتبروا ان مصدر العنف هو احتجاج الجماهير في المجتمع واؤلئك الذين يبغون تغيرات جدية في المجتمع القائم. ماهو ردكم على هذه الانتقادات؟
كورش مدرسي: من المؤكد ان مصدر العنف في المجتمع لايأتي من أؤلئك الذين يحتجون. ان العنف يأتي من نفس المجتمع، الدولة تعني العنف. قوانين تُقر وتُفرض بالقسر عليهم.مثلما اعلنت شركة بي ام انها تنوي بيع معمل روفر في بريطانيا. ان مثل هذا العمل يحيل مايقارب من خمسين الف عامل الى طوابير البطالة. اذا لم يسموا هذاعنف ، ماذا يسموه اذن؟ يسحقون حياة خمسون الف عائلة ويدوسوا على حياة اطفالهم، ويضربون عرض الحائط بمجمل امالهم. أترى عنفاً اكثر سفوراً من هذا في المجتمع؟ إن اراد عامل ما الدفاع عن نفسه وتطاول على مسبب هذا العنف اي ملكية شركة بي ام عندها بوسعكم رؤية الابعاد الاخرى للعنف. قانونا يمنع حريات الجماهير، او بمجرد ان لايملك الاب والام مالاً حتى يستحيل على الابن ان يحصل على ادوات اللعب التي هي حقه المشروع، ماذا يسمى هذا غير عنف؟ اثمة عنف اكثر من القانون الذي لايدع الشاب بسبب الفقر وقلة الدخل اوالدين او اي خزعبلات اخرى من التمتع بحياة مفعمة بالخلاقية الفيزيقية والمعنوية؟ تضع الحجاب على راسها اوتحدد علاقاتها الجنسية اولاتدع الشباب فعلاً يستفادون من الامكانات. يُجبر الاشخاص على دفن انفسهم بالعمل من الصباح حتى المساء لتأمين لقمة عيش لهم ولعوائلهم، بل وحتى لاينالوا سوى جزءاً ضئيلاً من ثمار عملهم اما بقيته فتأخذه حفنة لسوق البورصة ويحولوه الى ثروات خرافية في جيوبهم. ان هذا عنف في اسوأ اشكاله. العنف ليس شيئاً غير هذا وان المعتقلات والجيش والشرطة جميعاً ادوات ممارسة هذا العنف. ان للعنف ابعاد اكثر اتساعاً من ذلك. ان عوائل يجروها الى ذلك الحد من الاغتراب والعلاقات بين المراة والرجل، والى تلك الدرجة من الابتذال بحيث يصبح العنف جزءاً لايتجزء منها. انها ابعاد فظيعة من العنف يفرضها المجتمع الراسمالي اليوم على البشر.