كشفت الردود على البحث الذي قدمته في البلنيوم ، ودراستين اخريتين، وكذلك على البحث الذي قدمته في الهيئة الدائمة وخاصة المناقشات مع الرفيق حميد، كشفت لي نقطة مهمة.
انني اكدت، سواء في بحث البلنيوم او في الدراسة اللاحقة وكذلك في بحث الهيئة الدائمة على نقطة واحدة وهي ان بحثي يرتكز على اساسين او انني اطرح مسالتين، الاولى مسالة الفراغ الستراتيجي الذي نعاني منه والاخرى التصور المتعلق بالسير المحتمل للاحداث والاستعدادات التي يجب ان نهيئها لمواجهتها.من الواضح بانه اذا كان لديك اي بحث استرايجي فانه سيرتبط ، في العالم الواقعي بمسار الاوضاع وبالتكتيك الذي تتبناه من جهة ويتم ترجمته الى التكتيك المذكور كذلك. الا انهما على الصعيد التحليلي يمثلان بحثان يمكن فصلهما والقيام بتقييم كل منهما على حدة واتخاذ القرارات بشانهما بشكل منفصل.البحث الاول، اي مسالة الفراغ الستراتيجي، ليست وليدة اليوم ، فقد كان هذا الفراغ موجودا قبل اربعة سنوات ايضا وكان يجب الاجابة عليه. بهذا المعنى فان بامكان المرء ان يكون موافقا على تحليل الاوضاع السياسية او مخالفا لها الا انه يوافق، في نفس الوقت،على مسالة ستراتيجية الحزب والفراغ الذي تحدثنا عنه. دمج البحث الذي قدمته حتى الان هاتين المسالتين وطرحهما سوية . ولكن يبدو بان التصور الذي طرحته أنا عن المسار المحتمل لتطور الأوضاع بدا للرفاق غيرمحتملا و أشغل فكرهم إلى درجة إنه طغى على البحث ألاصولي و ألاساسي وبذلك لم تسنح له فرصة البروز. هذا الالتباس في طرح المسالة كنت انا سببه. الحقيقة هي اني كنت افكر بانه يجب ان لاتكون لدينا خلافات حول مبحث الاستراتيجية. وكان تقييمي هذا خاطئا.على اية حال فان السير المحتمل لتطور الاحداث هي مسالة يجب، براي، ان نتصدى لها وقد اطلعت بشكل دقيق على الملاحظات التي سجلها الرفاق على البحث الذي طرحته واعتقد بانهم على خطا. ولكنني اعتبر ذلك مسالة ثانوية. يجب التصدي لمسالة الفراغ الستراتيجي. ذلك انها مسالة اكثر مبداية ونظرية وهي برايي مسالة اكثر اهمية على الصعيد الستراتيجي.
يبدو من سير المناقشات باننا توصلنا، ظاهريا،مع مجموعة من الرفاق الى الاتفاق على وجود فراغ لدينا وعلى اننا بحاجة الى بيان. ولكن تبين باننا عندما ننتقل الى الحديث عن ماهية الفراغ والبيان فانني ارى بان ليس هناك اتفاق واضح.
الفراغ الذي اشير اليه هو فقدان سبيل او ستراتيجية للتحول تتصف باقل الصعوبات، وذات طابع سلمي وبهذا المعنى سبيل مدني للعبور الى نظام تنتخبه الجماهير بشكل حر. لماذا يشكل طرح هذا السبيل مسألة مهمة على وجه العموم و لماذا يكتسب هذا الطرح أهمية قصوى و حيوية في يومنا الراهن ونحن نهم بدخول مرحلة تحولات أساسية في المجتمع حيث ستصبح فيها مسألة مواجهتنا مع البرجوازية محور الصراع و التجاذب داخل المجتمع؟ ما هو الدور الذي تلعبه هذه الستراتيجية وهذا السبيل في وصول الحزب الشيوعي العمالي الى السلطة وتحقيق النظام الاشتراكي؟ هذه اسئلة ساحاول الاجابة عليها بايجاز ولكون المسالة نظرية و ترتبط باسس تركيبتنا الفكرية فان طرح الابعاد المختلفة لها ضمن إطار النص الذي تقراونه ليس ممكنا ولذلك سالجأ الى الاشارة الى نقاطها المهمة على شكل اطروحات.
2. ليست الانتفاضة لا تشكل هويتنا فحسب بل انها ليست السيناريو الوحيد والمرغوب لدينا ايضا. البرجوازية ودولتها تحملنا وتحمل الطبقة العاملة هذا العنف . ليس لدينا ، على هذا الصعيد، ادنى توهم وسنعمل بكل طاقاتنا على تهيئة الجماهير والطبقة العاملة وحزبنا لهذه الانتفاضة والمواجهة العنيفة وللخروج منها منتصرين. تماما مثلما نكون في السلطة وتفرض دولة ما او الحزب الديقراطي الكردستاني او الكادحين " منظمة كادحي كردستان القومية- المترجم"..الخ حربا علينا.
3. اذا كانت الانتفاضة سيناريو وسبيلا مفروضا علينا، فماهو الطريق غير المفروض علينا؟ هل تبقى الانتفاضة سياسة حزبنا في ظل دولة تقر الحريات الديمقراطية؟ على الحزب الشيوعي العمالي بوصفه حزبا يطالب بالسلطة السياسية ان يجيب على هذا السؤال.اذا اردنا ان لانقع في فخ الدعاية "المعارضوية" الدائمة وان لا نظل متورطين بها، يجب ان يكون لدينا على هذا الصعيد جوابا واضحا. ان مجرد الدعاية للاشتراكية و فكرة الانتفاضة لن يغير من الامر شيئا. ان لتوضيح هذا السبيل او السيناريو ابعاد مصيرية متعددة ساشير اليها في البنود التالية:
4. اولا ان الجماهير لا تطالب بالانتفاضة بشكل عفوي. كما لا يرغب العمال بالاضراب بشكل عفوي ذلك انهما اي الاضراب والانتفاضة عمليتان مليئتان بالآلام والمشقات لايلجا العمال والجماهير اليهما اذا لم يدفعا اليهما دفعا. ان الجماهير تختار دائما السبيل الاخف والاقل مشقة. وان هذا يخلق، على صعيد معين، الارضية المناسبة للبرجوازية لبث الاوهام عن اسلوبها هي لتغير الاوضاع.
5. ثانيا ان تهيئة الجماهير للانتفاضة واقناعها بضرورة عبور مثل هذا المسار هو نضال سياسي.ستعمل البرجوازية بكل قوتها على اقناع الجماهير بان بامكانها، اي الجماهير اجراء التغير في النظام عن طريق اللجوء الى اساليب البرجوازية المتداولة والتقليدية وضمن النظام الذي تطرحه البرجوازية نفسها. فتجربة 2 خرداد " حزيران"و كونه جزءا من النظام، والأوهام التي خلقتهاوعرقلتها للحركة الجماهيرية، الامر الذي سنواجهه لمدة خمسة سنوات قادمة، هو مثال على ذلك، الا انه نموذج بسيط . فالبرجوازية الي ستدخل الميدان بعد الجمهورية الاسلامية ستطرح لمواجهتنا اشكالا اكثر تعقيدا. ان اقناع الجماهير بان ليس هناك سبيل اخر سوى الإنتفاضة هو، كما اشرت، نضال سياسي صرف. الخاصية الاساسية لهذا النضال هو كونه لا يقتصر على التحريض. فكما انه لا يمكن جذب الجماهيرنحو هدف الاشتراكية عن طريق الدعاية والتحريض فقط، لايمكن كذلك عن طريق الدعاية و التحريض للإنتفاضة جذب الجماهير وتعبئتها حول فكرة الإنتفاضة . تستند البرجوازية على مطلب الجماهير العادل والقاض بتوفير اوضاع متحضرة لتدخلها واقرارها للنظام الذي ترغب به، اقول رغم كون ذلك المطلب انساني بشكل مطلق: الا ان البرجوازية تخلق التوهم في صفوف الجماهير وتلجأ الى التسويف و تأخر الجماهير وتعطلها وتحاول جاهدة اقناعها باقل كثيرا مما تطالب به.ان احد اجزاء الدعاية التقليدية للبرجوازية هو تصويرنا نحن الاشتراكين بوصفنا اناس غير منطقيين، يسببون الفوضى ويعشقون الإنتفاضة. البرجوازية لا تقوم بهذا عن طريق الدعاية المضادة للإشتراكية فحسب بل إنها تفعل ذلك عن طريق إستغلال السياسات و التاكتيكات السلبية بالذات. ستعمل البرجوازية على صياغة ما تطالب به الجماهير وتستبق السير وتعمل على تحويل نفسها الى حاملة راية مطالب الجماهير.
6.سينقل طرح السبيل المدني والديمقراطي من اجل تقرير مصير مستقبل النظام الاجتماعي والعمل الجدي غير المتوهم من اجل تحقيقه، سينقل الحزب الشيوعي العمالي الى موقع هجومي متقدم في عملية الصراع الراهن على استلام السلطة السياسية. ان ما كنا ومازلنا نقوله هو انه لو توفرت لنا فرصة شهرين لا اكثر، لتمكنا من اقناع الجماهير بضرورة الاشتراكية وسنثبت لها بان الحزب هو القوة الوحيدة التي تستحق السلطة.هذا ليس تحريضا وتهييجاً، هذا واقع حال ، يجب ان نكون راسخين على هذا التوجه. ان الحزب الشيوعي العمالي سينتقل من خلال هكذا طرح الى ممارسة الضغط المباشر على الاحزاب البرجوازية وستسأل الجماهير هذه الاحزاب: عن مشكلة الاحزاب المذكورة مع ذلك الطرح وتجبرهم على التراجع وان كل خطوة لتراجع تلك الاحزاب ستكون لصالح اقترابنا من السلطة وان ذلك يوفر، في الواقع، فرصة اكبر لتحقيق هذا السيناريو، الا ان الاهم من ذلك هو اننا سنتمكن من خلال هذه السياسة، من تعبئة الجماهير خطوة بعد اخرى حول تقييمنا: بأن ليس هناك سوى طريق الانتفاضة. كلما كان اعتقادنا راسخا بان ليس هناك طريق سوى الانتفاضة كلما حاز العبور الواعي لهذه المرحلة على اهمية اكبر.
7. تحدد مثل هذه السياسة، بشكل لامناص منه،علاقتنا مع الاحزاب السياسية، بل الاهم من ذلك مع اي نظام اخر بعد الجمهورية الاسلامية. بامكان هذه السياسية ان تبين اصول وقواعد لعبة معينة . نحن احد اطرافه والدولة ومن معها هي الطرف الاخر . وعملية اقناع الجماهير بالإنتفاضة هي عملية اقناعهم بان الدولة المذكورة لا تلتزم بالاصول والقواعد المذكورة ولذلك ليس هناك من سبيل سوى الإنتفاض ضدها. إن الإنتفاضة هي موجهة ضد دولة معينة، و ما تشكل محور هذه السياسة هي علاقة الحزب الشيوعي العمالي بهذه الدولة وليس بالجمهورية الاسلامية او احزاب المعارضة. ولذلك فان هذا البحث هو حول هذه الدولة وليس بحثا عاما حول حقوق الجماهير و..الخ.
8. بناءا على ما ذكر فان ما اطرحه هو ليس اصدار بيان عن حقوق الجماهير . باعتقادي اذا اصدر الحزب الشيوعي العمالي في الوقت الراهن اي بيان لا يرتبط بسبيل الحل هذا ستكون نتيجته اعطاء صورة مبتذلة عنا. ذلك ان الانطباع الذي سيتبلور لدى الجماهير هو ان الحزب الشيوعي العمالي وضع جانبا اجزاءا من برنامجه وقبل بالتالي ببرنامج محدود وضيق، حيث لجا الىتبويبه على طريقة المهم ثم الاهم والنتيجة هي قبوله ببرنامج اضيق . ان هذا الامر مضر جدا في الاوضاع الراهنة وسيدفع بنا نحو اليمين. بوصفنا شيوعيين كنا نضع البيان الشيوعي مقابل إعلان حقوق الإنسان وفي الوقت الراهن نواجهه ببرنامج عالم افضل .
9. يضاف الى ذلك ان بحثى لا يتعلق باصدار بيان حول إمكانية وقوع السيناريو الاسود ايضا. ذلك: اولا ان اصدار بيان بهذا الشان لايملا الفراغ الذي اشرت اليه. وسيكون له في هذا الوقت بالذات ، اي عندما بدات الجماهير بولوج الساحة، تاثيرا مضادا على معنوياتها ثانيا. ان السبيل الافضل لمنع تحقيق السيناريو المذكور، في الايام الراهنة، هو فرض السبيل المتمدن و السلمي على طريقة قيام الدولة و النظام المنتخب من قبل الجماهير. ذلك ان هذه السياسة تقيد الاحزاب والاتجاهات التي بامكانها فرض ذلك السيناريو لانها تضع الجماهير بمواجهتها.
10. نقطة اخرى حول المجلس التاسيسي. لقد أشرت في البلينوم و كذلك في النص الأول بأنني طرحت المجلس التأسيسي مضطراً إلا اني، طرحت في الوثيقة التي طلبت المصادقة عليها، جمعية ممثلي الجماهير. لقد اقنعني النقاش الذي اجريته مع الرفيق حميد بالاقتراح الذي طرحه وهو ان جمعية ممثلي مجالس الجماهير هو الحل الصحيح و يخلو من مشاكل مقترح المجلس التاسيسي. والنتيجة هي انني اوافق على اصلاحات الرفيق حميد على الوثيقة التي قدمتها للتصديق عليها، سوى نقاط جزئية، واذا سنحت لي الفرصة حتى الاجتماع القادم للمكتب السياسي فان ساهيء وثيقة اخرى.